الاثنين، 16 نوفمبر 2015

الإرهاب والخوف تبعاه إلى باريس



الإرهاب والخوف تبعاه إلى باريس

مترجم من اللغة السويدية عن موقع DN السويدي / الصحافي Niklas Orrenius والمصور Anders Hansson

--

بشار يوسف، من سوريا، يعيش اليوم كلاجئ مع عائلته خارج باريس، وقد ذهب إلى ساحة الجمهورية: "كما كنا نفعل في سوريا في بداية الانتفاضة، حينما كان يتم قتل أو اعتقال أي منا من قبل قوات النظام، كنا نعود مجدداً إلى الشوارع."

--

هربوا إلى باريس من المجازر في سوريا، لكن الآن الإرهاب يضرب في وطنهم الجديد. يحاول بشار يوسف وصديقته دعاء عرنوس إبقاء الخوف بعيداً.


ساحة الجمهورية، بعد ظهر اليوم الأحد. بعد عطلة نهاية الأسبوع الشنيع، وبعدما كانت باريس مهجورة، بدأت المقاهي والحانات تمتلئ بالناس، ودور السينما التي أغلقت سابقاً ستفتح من جديد. وسط هذا الازدحام، حيث بعد أن فر من سوريا، يقول وهو يبتسم:

- باريس يجب أن تبقى مدينة الحب، هكذا لن تفوز داعش. يقول بشار يوسف البالغ من العمر 28 عاماً.

إنه يعرف جيداً ما الذي يتحدث عنه. كعضو في شبكة سرية من الصحفيين المواطنين داخل سوريا، قال إنه على اتصال مستمر مع صحافيين متخفين في معقل داعش الرئيسي، الرقة.

- الرقة مدينة ميتة، مصابة بالشلل وتعيش في الخوف. كل شيء ممنوع. يجب على المرأة أن لا تخرج إلا إذا غطت وجهها تماماً.

في صيف 2011، كان بشار يوسف، وهو اقتصادي تخرج حديثاً في دمشق، شاباً مع وظيفة جيدة في شركة، ومثل كثير من الشباب السوريين انجذب للاحتجاجات ضد الديكتاتورية، ضد إرهاب حكم الأسد. عندما ألقي القبض على أصدقائه في حركة المقاومة وقتل عدد منهم توجب عليه الاختفاء.

- كنت أغير مكان اختبائي كل ثلاثة أيام. عشتُ مختبئاً لمدة سبعة أشهر.

وفي النهاية هرب من سوريا، جنباً إلى جنب مع صديقته دعاء عرنوس. بشار ودعاء فروا ليس فقط من قمع نظام الأسد، ولكن أيضاً من نمو التطرف الديني. واضطرت دعاء لمغادرة البلاد لأنها اختارت أن تخلع حجابها وبدأت بمواعدة بشار، العلماني الكردي.

دعاء عرنوس، البالغة من العمر 26 عاماً، تنحدر من عائلة مسلمة تقليدية، وبدأت في ارتداء الحجاب عندما كانت في الثانية عشرة. عندما أصبحت راشدة رأت أن ذاك الخطأ بدأ يكبر.

- عندما رأيت نفسي في المرآة مع الحجاب شعرت بأن هذه ليست أنا.

بعدها بيوم واحد قلعت حجابها وشعرت بالحرية، لكن العائلة لم تكن سعيدة بذلك، كما أنهم لم يحبوا علاقتها مع بشار.

- لم يعجبهم أنه كردي وناشط في الحراك المناهض للنظام، قالت دعاء.

أحد أقرباء دعاء، والذي كان يعمل لصالح قوات النظام، كان غاضباً جداً. صرخ في وجهها مهدداً إياها بأنه سيبلغ عنها بصفتها خائنة.

هرب بشار ودعاء عبر الحدود إلى لبنان، بيروت. ولكن الحرب في سوريا وصلت إلى لبنان أيضاً، ولو كان ذلك بمستوى أقل، حيث حصلت تفجيرات طوال الوقت وكانت مرتبطة بالحرب السورية، كما عاش بشار الناشط المناهض للأسد، حياة خطرة هناك أيضاً.

كذلك حاول الشابان إخفاء لهجتهم السورية لتجنب المضايقات من قبل بعض المتعضبين اللبنانيين، وكجميع اللاجئين السوريين، كانوا يصبون للحياة في أوروبا، ومعظمهم يفضل السويد.

لدى بشار يوسف العديد من الأصدقاء في السويد. قالوا له عن السويد إنها بلد حيث يذهب جميع الأطفال إلى المدرسة. هناك أفراد الشرطة يتحلون بالإنسانية. الناس لديهم فهم للاجئين و"حتى الرجل الذي يعمل في محل بقالة قد سمع عن الحرب في سوريا."

كانت دعاء حاملاً، وكان من الخطر الذهاب مع المهربين في زورق عبر البحر. حاول بشار الحصول على أحد فرص إعادة التوطين في السويد عن طريق المفوضية السامية للاجئين، ولكن عين الإبرة كانت صغيرة.

عندما تحطم حلم السويد، فتح احتمال آخر. منحتهم السفارة الفرنسية في بيروت تأشيرات دخول لزيارة شقيق بشار الذي يعيش في باريس. عندما وصلوا إلى فرنسا طلبوا اللجوء.

وبعد بضعة أشهر ولدت ابنته في مستشفى خارج باريس. اليوم هي تبلغ ثلاث عشرة شهراً. حصلت العائلة على تصريح إقامة وبدأت بتعلم اللغة الفرنسية.

- أحاول أن أكون صحافياً هنا، حتى لو كان ذلك صعباً، آمل أن اتصالاتي وعلاقاتي في سوريا ستكون مفيدة، يقول بشار يوسف.

بعد الهجوم شارلي إيبدو في يناير كانون الثاني، بشار ودعاء والصغير نايا، أبدوا ثقتهم في قيم الجمهورية الفرنسية: الحرية والمساواة والإخاء.

- نعم، شعرنا حقاً مثل الفرنسيين حينها.

ونحن نتحدث تمتلئ ساحة الجمهورية بالمزيد والمزيد من الناس. بشار يبدي إيماءات الاستحسان نحو لافتة كتب عليها "peur MEME PAS" - "لست خائفاً حتى."

- وهكذا فعلنا في سوريا في بداية الانتفاضة. حينما كان يتم قتل أو اعتقال أي منا من قبل قوات النظام، كنا نعود مجدداً إلى الشوارع.

أحد العاملين في شارلي إيبدو، ورداً على الوسم الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي (#prayforparis) نشر رسماً يقول: "شكراً، لكننا لا تحتاج إلى مزيد من الدين"، وقال الباريسي: "لدينا إيمان بالموسيقى! القبلات! الشمبانيا الحياة! والفرح!"

على الرغم من أن بشار لا يحمل الشمبانيا حتى يتعاطف مع الرسالة، لكنه قال:

- هذا ما يجب أن تكون عليه باريس. انظر! المطاعم مفتوحة، يقف الناس معاً، يضحكون ويتحادثون..

أما رسمياً فلا تزال السلطات الفرنسية تطلب من الباريسيين البقاء في منازلهم بسبب خطر وقوع هجمات إرهابية.

- الخروج ليس ممنوعاً، البقاء في المنزل مجرد توصية، قال ضابط الشرطة يرتدي درعاً واقياً للبدن ويحمل أسلحة أوتوماتيكية.

حالة الطوارئ تحظر الحشود. الحظر يمنع خروج مظاهرات حاشدة ضد الإرهاب ودعماً للديمقراطية كالتي خرجت بعد الهجوم ضد مجلة شارلي إيبدو في يناير كانون الثاني.

بالنسبة لبشار يوسف، فإن عدم الخوف يكاد يكون من وجهة نظر سياسية. يتحدث مازحاً عن السخرية فيما إذا كان قد فرّ من الفظائع في سوريا ومن ثم يُقتل في هجوم إرهابي في حانة في باريس.

ولكن أليس من الغريب أن لا تكون خائفاً عندما يذهب الإرهابيون إلى الحفلات الموسيقية ومباريات كرة القدم والحانات لمحاولة لقتل أكبر عدد ممكن؟

سرعان ما يصبح بشار جدياً.

- لا، هذا هو بيت القصيد. الهجوم على ملعب لكرة القدم يضم 80 ألف شخص ليس من باب الصدفة. ستقام بطولة الأمم الاوروبية لكرة القدم هنا في فرنسا هذا الصيف. إنها الرغبة في زرع الخوف، ومهمتنا أن نجعلهم لا ينجحون في ذلك.

يخرج بشار هاتفه.

- علي أن أتصل بصديقتي. إنها قلقة.

بسبب الهجمات الإرهابية؟

يبتسم بشار يوسف ابتسامة باهتة.

- نعم.

وبعد ساعات قليلة من لقائنا ببشار حصلنا على لمحة من الخوف. عند الساعة السابعة مساء من يوم الأحد. كنا قد أرسلنا للتو النصوص والصور لمحرري DN في ستوكهولم وذهبنا لتناول الطعام في مطعم في ساحة الجمهورية. فجأة رأينا الناس يركضون مذعورين خارج النوافذ. مئات من الناس. شخص يصرخ: "إنهم يطلقون النار.." الناس يرمون أنفسهم في المطعم من الشارع للاختباء.

- بسرعة! صرخت النادلة.

الضيوف يختبئون تحت الطاولات مرعوبين متشبثين ببعضهم البعض. تسللنا خارجاً إلى ساحة الجمهورية، فبدت مهجورة بشكل مفاجئ. صرخ بنا ضباط شرطة مسلحين وقالوا إنه ينبغي علينا أن ننحني.


وبعد بضع دقائق يأتي الخبر: إنذار كاذب، وكان إطلاق النار مجرد مفرقعات نارية. زحف الناس خارجين من مخابئهم، وعادت الفكرة إلى رؤوسنا: في الإرهاب كيف يمكن أن لا تكون خائفاً!


** رابط المادة الأصلية هنا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق