الخميس، 15 ديسمبر 2016

ناشطون أكراد يساندون حلب ببيان رمادي تحت وطأة السياسة


أصدر ناشطون وإعلاميون أكراد أمس الأربعاء بياناً مقتضباً تحت عنوان “تضامناً مع المدنيين في حلب.” البيان المختصر، المكوَّن من 153 كلمة -وهو ذاته عدد الموقعين عليه-أثار ردود فعل متباينة على مضمونه، لا سيما من قبل أكراد آخرين لم يوقعوا على البيان.

الانتقادات حول البيان متعددة، ربما ينطلق معظمها من خلفية البيان السياسية بعيداً عن غايته الإنسانية، إذ يبدأ بالحديث عن تقارير غير موثوقة عن وجود حالة حصار مفروضة على خمسين ألف مدني في الجزء الذي تسيطر عليه فصائل المعارضة المسلحة والكتائب الإسلامية، الواقع شرق مدينة حلب، ووقوع حالات إعدام ميداني اعتبرها البيان في حكم “حد قول التقارير الصحافية.”


الانتقاد الثاني للبيان يظهر جلياً في المقطعين الثاني والثالث منه، حيث تم الحديث عن “حرب دائرة” بين “أطراف” مختلفة، وهو ما يعني إطلاق حالة من المساواة بين هذه الأطراف في المسؤولية عن الوضع الإنساني الكارثي الذي يعاني منه المدنيون، في تجاهل واضح لحقيقة أن لا معارك حقيقية تجري على الأرض، وأن حالة الحصار تفرضها قوات النظام والميليشيات الموالية لها تحت غطاء من القصف الجوي المكثف من قبل الطيران الحربي الروسي، وأن معناة المدنيين هذه ناجمة عن استخدام هذا الطيران لأسلحة محرمة دولياً، بدءاً من البراميل المتفجرة وانتهاءً بالقنابل الفوسفورية.

شيءٌ آخر يثير حفيظة منتقدي “رمادية” البيان، ألا وهو عدم ذكر مسؤولية الجانب الروسي عن ارتكاب هذه الجرائم (التي وصفت بضد الإنسانية من قبل كافة الجهات الدولية والحقوقية) وكذلك إغفال الإشارة إلى الدور الإيراني والميليشيات الموالية لها في إفراغ المدن السنية من قاطنيها في إطار مشروع واضح لتغيير ديموغرافية سوريا. يشار إلى أنه في هذا التوقيت بالذات دعت القيادات العسكرية الروسية الأحزاب الكوردية إلى اجتماع في قاعدتها العسكرية حميميم، في تصرف أقرب ما يكون إلى تصرف حكومة احتلال وفقاً للمعايير الدولية.

يجب التذكير هنا أن كثيراً من الموقّعين على البيان كانوا معتقلين سابقين في سجون النظام السوري، ولا سيما بعد انطلاق الثورة السورية، ومواقف جلّهم الرافضة لنظام الأسد واضحة، لذلك -ربما- جاءت علامات الاستفهام على بيان متواضع وغير موضوعي من قبل ناشطين وإعلاميين يُشترط في عملهم الحياد بعيداً عن أية اعتبارات سياسية، و عن أية مواقف مسبقة من بعض الفصائل الإسلامية الموجودة في حلب الشرقية، والتي لا يمكن إنكار مسؤوليتها النسبية عما يجري، لكنها ليست من يستهدف المدنيين من الجو بالطبع، وهذا ربما ما يفسر توصيف بعض المدافعين عن البيان لمنتقديه بـ”غلمان جبهة النصرة!” أو حتى التشكيك في “انتمائهم الكوردي” والوطني، على الرغم من أن هؤلاء أنفسهم لطالما أبدوا استيائهم من “أسلوب التخوين” الذي ينتهجه بعض أنصار حزب الاتحاد الديمقراطي وإدارته الذاتية.

لكن، ومن باب الإنصاف، لا بد من التشديد على أن البيان الخجول في شكله ومضمونه من قبل هؤلاء “الأكراد” قد سبق معظم أحزاب وحكومات الدول العربية والإسلامية، التي لم ولن تحرك ساكناً، ولو كان ذلك بشيء من رمادية هذا البيان.



ملحق: نص البيان

تضامناً مع المدنيين في حلب

تشير تقارير صحافية ميدانية من حلب الشرقية عن محاصرة نحو خمسين ألف مدني في مساحة لا تتجاوز 2 كيلومتر مربع فقط، ومعرضون لخطر القتل والإعدام الميداني. حيث ذكرت منظمات حقوقية سورية إعدام 82 مدنياً في أربعة أحياء من حلب الشرقية من قبل قوات النظام، على حد قولها.

إن ما مرت به حلب كارثة إنسانية عظمى، من استهداف لكافة البنى التحية، وتدمير المعامل والمصانع التي كانت تشتهر بها المدينة، وكذلك هدم الدور فوق رؤوس أصحابها بفعل كافة أنواع الأسلحة المستخدمة في معارك حلب الشرقية.

إننا نناشد كافة القوى الإقليمية والدولية المؤثرة في الحرب السورية بوجوب تحييد المدنيين من الحرب الدائرة هناك بين جميع الأطراف، وضرورة المساعدة في تأمين خروج آمن للمدنيين المحاصرين في أحياء حلب الشرقية نحو مناطق أكثر أمناً.

يؤلمنا كثيراً ما يجري في حلب من دمار وقتل وتشريد وحصار، نكرر مناشدتنا والتماسنا من الجميع تقديم العون والمساعدة لحماية وإنقاذ المدنيين في أحياء حلب الشرقية، والقيام بواجبهم لمنع حصول كارثة إنسانية في المدينة.

تم نشر هذه المادة في موقع آرا نيوز

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق